وزلزلوا زلزالاً شديداً

أكد الأستاذ "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية في مقال له، أن القضية الفلسطينية تمرُّ بمرحلةٍ حاسمة تتعرّض فيها لعدوان وحصارٍ وضغوط سياسية واقتصادية وإعلامية متزامنة تهدِف إلى قضم حقوق الشعب الفلسطيني. في مواجهة ذلك تؤكد الفصائل والشعوب الداعمة أن خيار المقاومة والصمود هو الضامن لكرامة الفلسطينيين ورفض أي وَصاية أو حلول تُفقدهم سيادتهم.
جاء في مققال للأستاذ "إسلام الغمري" نائب رئيس مركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية، مايلي:
مقدمة
تمرُّ القضية الفلسطينية اليوم بمرحلة تُعَدّ من أقسى مراحل الضغوط والتحديات في تاريخها المعاصر. لم يعرف شعبنا منذ نكبة عام 1948 مثل هذا التداخل الكثيف بين الضغوط العسكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية في وقت واحد. فالعدوّ المحتلّ يمارس أقصى درجات البطش والتدمير والحصار، وحلفاؤه في الغرب يمدّونه بكل أشكال الدعم السياسي والعسكري، بينما يُراد فرض وصاية وانتداب يجرّد الفلسطينيين من حقّهم المشروع في الحرية والسيادة. والأخطر أن تأتي الطعنة من بعض الدول القريبة، التي كان يُفترض أن تجمعها بفلسطين روابط العروبة والإسلام، فإذا بها تتحول إلى أدوات ضغط إضافية، تشرعن الاحتلال وتمنحه الغطاء. إنها بحق مرحلة فرز كبرى، تكشف معادن الشعوب والأنظمة، وتضع الجميع أمام امتحانٍ لا يقبل المواربة: إما أن نقف مع فلسطين والمقاومة، أو نصطف في خندق أعدائها.
محاور الضغوط
إن حجم الضغوط الممارسة على غزة والمقاومة يتوزع على عدة مستويات متزامنة:
1. العسكري: حملات قصفٍ متواصلة، حصار يخنق مقوّمات الحياة، استهداف البنى التحتية، ومناطق سكانية تتحول إلى ساحات قتال. الهدف: تفكيك قدرة المقاومة على الصمود، وإجبار المدنيين على قبول حلول تُكرّس الاحتلال وتنتزع حقوقهم.
2. الاقتصادي: حصارٌ طويل الأمد ينهك الاقتصاد ويقوّض فرص البقاء. السيطرة على الموانئ والموارد البحرية، وربط مشاريع “الإعمار” بشروط سياسية مذلة.
3. السياسي والدبلوماسي: ضغط دولي لتكريس التطبيع، حلول انتقالية بلا ضمانات سيادية، واستغلال الشرعية الدولية لتقنين واقع يخدم الاحتلال.
4. الإعلامي والنفسي: حملة تشويه ممنهجة تستهدف الحاضنة الشعبية للمقاومة، بتظهيرها كسببٍ للأزمات، بينما يُغفل السبب الجذري وهو الاحتلال والحصار.
فلسطين باقية
إذا ظنّ البعض أن هذه الضغوط قادرة على إنهاء القضية أو إطفاء جذوة المقاومة، فالحقيقة أن فلسطين لا تُقتلع من القلب العربي والإسلامي. هي شجرة مغروسة في عمق الوجدان، رُويت بدماء الشهداء وتضحيات الأبطال، وسُقيت بصبر شعبٍ أسطوري ظلّ يواجه مؤامرات الاحتلال منذ النكبة وحتى اليوم.
وكما قال الله تعالى:
﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ ٱلْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ﴾ [آل عمران: 140].
ويقول سبحانه:
﴿إِنْ تَكُونُوا۟ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ﴾ [آل عمران: 146].
هاتان الآيتان تلخصان المشهد: الألم مشترك، لكن المؤمنين يتميزون بالرجاء في الله والثقة بوعده، وهو ما يمنحهم قوة تتجاوز حدود الجراح.
الواجب العملي
في ظل هذه المرحلة القاسية، لا مكان للحياد أو التخاذل. المطلوب اليوم مواقف عملية على كل المستويات:
• دبلوماسياً: توحيد الموقف الرسمي والشعبي لرفض الوصاية والانتداب، ورفع الصوت في المحافل الدولية.
• شعبياً: تحريك الرأي العام ودعم المقاومة بكل الوسائل المشروعة.
• اقتصادياً: مواجهة أي مشاريع مشروطة تهدف إلى كسر الإرادة الفلسطينية.
• ثقافياً وفكرياً: إنتاج خطاب قوي يواجه رواية العدو ويثبت شرعية المقاومة.
• استراتيجياً: تثبيت معادلة الردع، وترسيخ قاعدة أن لا أمان بلا قوة.
خاتمة
أما من يراهن على موت المقاومة أو تلاشي القضية، فواهم. فالمقاومة ليست مجرد سلاح، بل هي عنوان الكرامة، ورفض الاستسلام، وتمسكٌ بالحق الذي لا يزول مهما طال الزمن.
ختاماً: لا ترف لأحد أن يكون متفرجاً، والأخطر أن يكون شريكاً في إضفاء الشرعية على مشاريع التصفية. نحن أمام امتحان قاسٍ: إما أن نكون أمة تحفظ كرامتها وحقوقها، أو نصير ساحة تُدار بمشيئة الآخرين. فلسطين ليست قابلة للمساومة، ولا مزاداً للمصالح. فلتزلزلوا زلزالاً شديداً — بصمودكم، بوعيكم، وبمواقفكم التي لا تُساوم على الحق. (İLKHA)
تنبيه: وكالة إيلكا الإخبارية تمتلك جميع حقوق نشر الأخبار والصور وأشرطة الفيديو التي يتم نشرها في الموقع،وفي أي حال من الأحوال لن يمكن استخدامها كليا أو جزئياً دون عقد مبرم مع الوكالة أو اشتراك مسبق.
يؤكد الأستاذ سعد ياسين أن الثقة بالله والإيمان به كافيان لمواجهة أصعب الابتلاءات، كما هو حال أهل غزة في صمودهم أمام المحن، فكل شيء بيد الله الواحد القهار.
يسلط الأستاذ محمد كوكطاش الضوء على محاولات قوى كبرى، بدعم الكيان الصهيوني، لإجبار القادة المسلمين على القضاء على حماس مع تجاهل الكارثة الإنسانية في غزة، ويؤكد أن هذا امتحان للعالم الإسلامي، وأن المقاومة واستمراريتها واجب لا خيار.
يؤكد الأستاذ حسن ساباز أن الاستقلال الكامل في عالم مترابط يبدو صعب التحقيق، إذ ترتبط الدول اقتصاديًا وقانونيًا وتخضع لتأثير القوى الكبرى التي غالبًا تحمي المخالفين، ولتحقيق استقلال فعلي، يجب تحديد مصادر الاعتماد الأساسية وتقليلها بشكل محسوب، مع التحلي بالعزم والإصرار والتمسك بالعدل والحق.